هذا المنشور مخصص للحديث عن الاكتئاب للطبيب النفسي المميز الدكتور أحمد السالم. يتخلل فيها الإجابة عن العديد من الأسئلة المتعلقة بالإكتئاب من حيث أعراضة و إنتشارة و طرق علاجة. و الفرق بين الحزن و الإكتآب من وجهه الطبيب النفسي
بقلم الدكتور أحمد السالم أخصائي النفسية
ما الفرق الحزن و الاكتئاب؟
الحزن هو أن تشعر باليأس، أوالضعف والتشاؤم والرغبة بالبكاء، أوقلة العزيمة وقلة الحماس، أو الوحشة والذنب. أما الاكتئاب هو عدم القدرة على الشعور بالبهجة والسعادة أو أن تشعر بالحزن لفترة طويلة مستدامة (أكثر من أسبوعين متواصلين)

ما هي أعراض الإكتئاب ؟
الاكتئاب هو اضطراب نفسي وليس حالة مزاجية قصيرة عابرة، يصاحب الاكتئاب الأعراض الآتية تدهور في الطاقة والحيوية، و تدهور في التركيز، اختلال بالشهية والنوم، ضعف الرغبة الجنسية، وربما تمنيات بالموت وقد تصل الأمور للأفكار الانتحارية، قد يكون الإكتآب مقترناً بحادث في حياة الإنسان مثل وفاة عزيز، أو الإصابة بمرض عضال، أو خسارة مالية كبيرة، وقد يأتي متسللاً بلا حدث واضح
ما سبب الاكتئاب ؟
إن بطء المادتين الكيميائيتين: النورأدرينالين والسيروتونين في الدماغ مقترن بحوث الاكتئاب، والأدوية النفسية المضادة للاكتئاب تستهدف زيادة سرعة تأثير هاتين المادتين على الدماغ .
ما نسبة الأشخاص المصابين بالمرض؟
هناك مليار شخص في العالم، أصيب أو مصاب بالاكتئاب، و من الممكن علاج الإكتآب بالجلسات العلاجية والدواء وبالطبع بالإسناد الأسري
ما هي أنواع الاكتئاب؟
الاكتئاب أنواع عدة، قد يكون ذهانيا، أي مرتبط بالهلاوس والأوهام، فيأتي المريض حزينا ولديه أفكار أنه ميت، أو فقير فقراً مدقعاً، أو أن جزء من جسمه ميت أو معطل.
قد يكون الإكتآب مرتبط باضطراب القلق، فتكون أعراض الاكتئاب، مع أعراض القلق الكثيرة، مثل الصداع، نشفان الحلق، ضيق النفس، الدوخة، دقات القلب السريعة والإمساك. وقد يزيد النوم فيه أو يقل. و قد يكون الإكتئاب سوداويا عدميا، فيرى الإنسان الحياة من منظار قاتم، ويغلب عليه التشاؤم وعدم الاستمتاع بطعم الحياة أكثر من الحزن والبكاء. فيرى الحياة شاحبة بلا معنى. و قد يكون الإكتئاب مزمناً، متكررا، أو قصيراً، قد تصاحبه وساوس قهرية، أي أفكار سخيفة تقتحم الذهن فيحاول الإنسان طردها، لكنها تعاود الهجوم واقتحام الذهن في دورات متكررة طويلة
متى يلجأ المريض للطبيب النفسي ؟
عادة يعاني المصاب من الإكتئاب سنة كاملة قبل أن يذهب للطبيب النفسي. هذا في المعدل، لسبب بسيط وهو أنه يظل ينكر ويكابر ويقـنع نفسه أنه لا يعاني من مشكلة. وإنما هي سحابة صيف تأتي وتذهب، مع أن هذه السحابة من الممكن أن تبقى ردحاً طويلاً من الزمن، قبل أن يقتنع الشخص بضرورة مراجعة الطبيب النفسي. وهناك سبب آخر يمنع الناس من الذهاب للطبيب النفسي. وهو لاقتناعهم أن السبب فقط يعود لمجريات الحياة وليس بشكل رئيسي لانخفاض مستوى النورأدرينالين والسيروتونين في الدماغ
ما أثر علي علاقات الشخص الحميمة أو البعيدة منها؟
الاكتئاب مدمر للعلاقات، والإنتاجية وأهم سبب من أسباب الانتحار. و لهذا السبب يبدأ الشخص المصاب بالإكتآب بالإبتعاد عن العائلة، و هو بلا شك أهم أسباب الطلاق
ما هي علاقة الإكتئاب الإدمان؟
علاقة الإدمان بالإكتآب علاقة معروفة. فمن الممكن أن الشخص شعر بالحزن وقلة الحيوية والنشاط لفترة طويلة وبسبب ذلك أدمن على استخدام المنشطات. هذا بدلا من أن يعالج نفسه بالطرق السليمة المعروفة علميا. أي بالدواء النفسي المبني على الخطة العلاجية الحديثة البعيدة كل البعد عن الإدمان. وفي الجهة الأخرى، كثيراً ما يدخل الإنسان في نفق اكتئاب لفترة قصيرة أثناء علاجه من الإدمان. بسبب التغير الكيميائي الذي يحصل في دماغه وقتها، وحينئذٍ، يقوم الطبيب النفسي الجيد بإضافة دواء مضاد للإكتآب لمن يتعافون من الإدمان
هل هناك دور للوراثة والجينات في الإصابة بالإكتئاب؟
طبعاً، 40 % من اكتئاب المكتئبين يعود لأسباب جينية وراثية
لماذا نسمع كثيراً عن الاكتئاب هذه الأيام أكثر من السابق؟
هناك عدة أسباب منها أولاً، زيادة الوعي والتوعية، وتركيز الأطباء عالمياً على فهمه وتشخيصه أكثر من ذي قبل.
ثانيا: نقص السيروتونين والأدرينالين . ومن هنا، نرى أن الحياة الاستهلاكية المرفهة الكسولة التي نعيش في الغرف المغلقة دون حركة جسدية ودون تواصل بشري مباشر. تبعدنا عن الحركة وضوء الشمس اللذان هما من أهم المحفزات للسيروتونين والأدرينالين. فحياة الفلاح العربي الذي يحرث أرضه مع أولاده تحت ضوء الشمس وفيّ الأشجار سابقاً. أكثر سعادة في النهاية من ذلك البدين المعزول القابع وراء حاسوبه
ثالثا: التعاطي بأنواعه وإدمان الإنترنت كلها تزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب
رابعا: طول عمر الإنسان. فسابقا، في القرن التاسع عشر، كان معدل عمر الإنسان حوالي 40 سنة، في القرن العشرين أصبح 70 سنة. الآن نتكلم عن أكثر من ذلك. ومن هنا، بما أن الاكتئاب مرض يصيب الشباب والشيوخ. فنحن نعيش في عالم مليء بهذين النوعين أكثر من أي وقت مضى تقريباً. ففي السابق كانت الملاريا والكوليرا تحصد أرواح الأطفال بالملايين، الآن تخطت الحضارة هذه المرحلة وأصبح الاكتئاب الذي يضرب الشباب والشيوخ، يقتل الناس بالانتحار و التأثير الفتاك للعديد من الأمراض. فمثلا احتمال الموت بعد الإصابة بذبحة صدرية يتعاظم 6 مرات إن أصيب الشخص بجلطة و الإكتآب معاً. والموت من جميع الأمراض تقريباً، يصبح خطره أكبر إذا كان مرافقاً الاكتئاب للمرض الآخر، مثل السرطان، فشل الكلى، وغيرها
خامساً: اهتمام الدول بضرورة زيادة الدخل القومي عن طريق زيادة انتاجية الفرد، التي تتأثر سلباً بشكل كبير جراء الإكتآب .
لقد منّ الله علينا في هذا العصر، أن أصبح لدينا علاجات غير إدمانية للاكتئاب، وجلسات علاجية متنوعة تناسب مختلف الحالات النفسية، فلا تحرم نفسك أو أقاربك فرصة العلاج والاستفادة من هذه الفرصة
قد تكون مهتما
